الأسرة الشيشانية وتربية الأجيال
- يمتاز المجتمع الشيشاني مثل جميع المجتمعات الاسلامية بالترابط الأسري والانتماء العشائري، والأسرة الشيشانية ليست فقط الوالد والزوجة والأولاد، بل يضاف إليهم في الغالب الأجداد والأحفاد، بحيث يعيش الجميع داخل البيت الواحد ، يتشاركون بالعمل والمأكل والمشرب، وعندما يتزوج أحد الأبناء تخصص له غرفة منفصلة داخل الفناء الكبير للبيت.
- في الغالب كانت الأسرة عبارة عن مجتمع متعاون قد يصل عدد الأفراد فيه على سبيل المثال إلى عشرين فرداً أو أكثر. وبسبب هذا الترابط الأسري فإن الكلمة الأولى تكون للأكبر ثم الذي يليه ثم الذي يليه وهكذا. لذلك فإن تعليمات وتوجيهات الجد أو العم هي التي تراعى وتتبع من قبل من يليهم بالعمر.
والتربية في الأسرة الشيشانية أو المجتمع الشيشاني تراعي بعدين هما الشرع والعادات الشيشانية ، وتمتاز العادات الشيشانية وخاصة بين الكبير والصغير أو الوالد وولده بالجدية والشدة الزائدة أحياناً ، والكلمة الأخيرة للأب أو للأكبر دائماً ، وهي من التقاليد الشيشانية الإصيلة وتدل على احترام الكبي.
- الأم هي المسؤولة المباشرة عن تربية الطفل وخاصة في محيط حجرتها الخاصة، أما خارج هذه الحجرة فإن الجد أو من يليه من كبار السن من الأعمام هم الذين يأخذ الولد عنهم، وهنا لا نريد حرمان الوالد من مسؤولية تربية ابنه، ولكن علينا الاعتراف بأنه ليس للوالد أن يوجه ابنه أو يعطيه تعليمات أمام والده ( جد الولد ) أو إخوانه (أعمام الولد) الذين هم أكبر منه سناً.
- عندما يبدأ الطفل بالاستيعاب وتنمو لديه المقدرة على التلفظ بالكلمات الأوليه، تكون أولى الكلمات التي يتعلمها قول دادا ونانا ، ومع تقدمه في العمر وازدياد مقدرته في الاستيعاب، يتم تلقينه الكلمات والجمل الدينية مثل البسملة والتكبير، أما مخاطبته فتكون باللغة الشيشانية التي يتقنها قبل العربية، والمخاطبة داخل البيت الشيشاني هي في الغالب باللغة الشيشانية بين جميع أفراد الأسرة، أما اللغة العربية فيتعلمها الطفل عند اختلاطه بأطفال الحارة أو عند دخوله روضة الأطفال.
- يتحاشى الكبار أن يتلفظوا بالكلمات السيئة أمام الصغار، ويسمح للصغار حضور مجالس الكبار ليسمعوا منهم القصص والحوادث وتعلم أدب الحوار بالإضافة إلى تقديم الخدمات وتكريم الضيوف.
- أما على مستوى العشيرة أو القرية ، فإن الاحترام المتبادل بين الأفراد وخاصة بين الصغار والكبار هي نسخة مطابقة للأساليب المتبعة في محيط الأسرة، وأي شخص كبير في القرية يشاهد تصرفات غير لائقة من الأطفال في الشارع أو الأماكن العامة، أو التلفظ بالكلمات النابية ، فله الصلاحية المطلقة للتصرف من التنبيه والإرشاد وحتى العقاب أو التهديد بإبلاغ ذويه عن هذه التصرفات غير اللائقة.
- كل ما ذكر بأعلاه هي في الحقيقة الحياة الأسرية والتربية البيتية في المجتمع الشيشاني الذي كان يعتمد على الزراعة منذ قدوم الشيشان إلى هذه البلاد وحتى قبل ثلاثين سنة تقريباً عندما كان الشيشان يعيشون في قرى أو حارات شيشانية خاصة بهم، إلا أن الأمور تغيرت كثيراً وخاصة بسبب تحول معظم الشيشان من الزراعة إلى الوظيفة الحكومية كمصدر للرزق واختلاط الشيشان مع باقي مكونات الشعب الأردني ومن مختلف الأصول والمنابت