مختصر تاريخ السخنة
بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . لقد بدأت هجرة الشيشان إلى الأردن في عام 1903م ، أما أول فوج من شيشان السخنة فقد وصل سنة 1907م ، حيث سكنوا قصر شبيب في الزرقاء لمدة تقارب 4 سنوات ، ثم جاءت مجموعات أخرى ( اسماء وصور بعض المهاجرين )، وانتقلوا من الزرقاء إلى منطقة عين السخنة وقاموا بإنشاء بلدة أطلقوا عليها اسم السخنة نسبة إلى عين السخنة ، وكان ذلك في سنة 1911م .
قصر شبيب في الزرقاء / سكنه بعض مهاجري السخنة الدفعة الأولى 1907 لمدة سنتين أو ثلاث ثم حضرت الدفعة الثانية وقد يكون ذلك في عام 1908 وسكنوا مع عائلات الزرقاء حتى منحت ( الدفعتين ) أراضي في عين السخنة حيث بنوا مساكن لهم كانت بداية لبناء السخنة
تقع السخنة بالقرب من مجرى سيل الزرقاء على بعد حوالي 10 كم شمال مدينة الزرقاء على تلة تشرف على عين السخنة ، وتحتل منطقة مساحتها حوالي 100دنم . كان عدد الخانات أو الأسر عند بناء السخنة 33 أسرة ، ولا يوجد إحصاء دقيق لعدد السكان الإجمالي ، ولكن إذا افترضنا أن معدل أفراد الأسرة الواحدة من 4-8 ، نستطيع القول أنهم كانوا بين 130 – 265 شخصاً . وقاموا ببناء بيوتهم من الطين ، واستخدمت أعمدة الخشب وعيدان القصيب للسقف ثم الطين الممزوج بالتبن فوقها ، واتبع هذا الأسلوب في بناء مسجد البلدة . أما تخطيط الشوارع فيدل على وعيهم في تنظيم البلدات ، حيث ما زال تنظيمهم الأصلي للشوارع قائماً للآن . ولتنظيم العلاقات الاجتماعية وأسلوب العمل الجماعي فيما بينهم قاموا بتحرير وثيقة تم تصديقها وختمها من قبل رب كل أسرة ، وهي من أهم وأقدم وثائق السخنة.
صورة جوية لقرية السخنة سنة 1953 وهي تقريبا نفس القرية التي تم انشاؤها في عام 1911
عمل معظم شيشان السخنة في الفلاحة، وكانت مزروعاتهم في الغالب حبوباً وخاصة الذرة والقمح لتموين السكان، والبرسيم لإطعام الماشية التي كانت في معظمها من الأبقار. أما واسطة النقل فكانت العربة المصنوعة من الخشب والتي تجرها الثيران ، والتي كانت تستخدم لنقل محاصيلهم الزراعية ، وبعض العربات تركب عليها البراميل لنقل الماء من عين السخنة ، كما استخدموا الخيول كوسيلة نقل فردية.
أول مسجد تم بناؤه في السخنة من قبل المهاجرين عند بناء قرية السخنة وقد تم هدم هذا المسجد سنة 1962 وبناء المسجد الحالي
لقد اشتهرت السخنة بمياهها الغزيرة وبساتينها الجميلة ، والتي كانت إضافة إلى الرصيفة وجرش من الأماكن المفضلة للسياحة الداخلية لسكان عمان والزرقاء حيث تتحول منطقة البساتين إلى مايشبه خلية نحل أيام الجمع والعطل ، وقد كان جلالة الملك عبد الله المؤسس يزورها بين الحين والآخر للاستجمام والراحة . كانت الفيضانات التي تحدث في الشتاء تشكل الغدران في مجري سيل الزرقاء وخاصة في منطقة السخنة ، يستخدمها شباب السخنة كبرك سباحة طيلة فترة الصيف ، ونادراً ما كنت تجد شاباً لا يجيد السباحة .
بقيت السخنة على حالها الأول لمدة 50 عاماً دون أي تطور يذكر، فلا زيادة في السكان أو توسع عمراني ، ولا أي عنصر من عناصر البنية التحتية ، باستثناء افتتاح مدرسة السخنة الإبتدائية للبنين في عام 1948م. وفي نهاية الخمسينات تحسن الوضع قليلاً ، حيث تم فتح طريق الزرقاء / السخنة ، وإيصال خط هاتف واحد وتم وضعه في أحد المحلات التجارية كمكتب بريد ، كما تم إنشاء شركة باصات السخنة وتسيير باص بين الزرقاء والسخنة .
البناية التي ترتكز عليها مادة القصيب هي المدرسة التي افتتحت سنة 1948، وبعدها بناية المسجد الحالي الذي بني مكان المسجد القديم حيث تمهدم القديم وانشاء هذا المسحد سنة 1962
في فترة الستينات حدثت تطورات كثيرة ، حيث تم تشكيل مجلس قروي للبلدة بتاريخ 2/1/1961م ، وفي العام نفسه تم بناء مسجد جديد مكان المسجد القديم ، وبتاريخ 6/9/1964م تم فتح أول مخفر في البلدة . وكنتيجة من نتائج حرب حزيران 67 تم إنشاء مخيم السخنة للاجئين الفلسطينيين، وازدادت الحركة العمرانية والتجارية وتحسنت أساليب الزراعة نوعاً ما. وبتاريخ 10/4/1969م تم رفع المجلس القروي إلى مستوى بلدية ، وتم في هذه السنة أي سنة 1969م تزويد البلدة بخدمة الكهرباء .
أما في السبعينات فقد برزت ظاهرتان متناقضتان سلباً وإيجاباً ؛ الظاهرة السلبية هي بدأ نضوب المصادر المائية، حتى جفت تماماً في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات ، وبعد أن كانت السخنة تكنى بأم المياه أصبحت تتزود بالمياه من مصادر خارج منطقة السخنة ، وانتهى دور السخنة نهائياً كمكان للسياحة والاستجمام الداخلي ، أما الناحية الإيجابية فكانت التطور العمراني ونوعية العمران ، وذلك بسبب الطفرة المالية التي شهدها الأردن والمنطقة نتيجة لارتفاع أسعار النفط بعد حرب رمضان ، والذي أدى إلى زيادة كبيرة في التحويلات المالية للمغتربين الأردنيين في منطقة الخليج، كما ارتفعت أسعار الأراضي، وازدادت عمليات بيع وشراء الأراضي، وازداد عدد السكان، كما تم فتح مكتب للبريد وتركيب مقسم هاتف يدوي وإيصال خطوط الهاتف لبعض المشتركين ، ولكن سعة المقسم بقيت قليلة.
وعلى نقيض فترة السبعينات لم تشهد الثمانينات تطوراً يذكر ، ويعود ذلك إلى الركود المالي الذي عانى منه الأردن في تلك الفترة ، ولكن الأمر اختلف تماماً في التسعينات ؛ فعلى ضوء نتائج حرب الخليج الثانية وعودة معظم المغتربين الأردنيين من الخليج ، بدأ التوسع العمراني مع تطور في نوعية البناء ، وازداد عدد السكان بشكل ملحوظ، وطرأ تحسن على نوعية الخدمات المقدمة للسكان ، وتم تحويل نظام الهاتف من اليدوي إلى الآلي، وأصبح بإمكان أي شخص أن يحصل على خط هاتف وبدون تأخير. وآخر التطورات البارزة في مجرى الحياة الاجتماعية هو ضم بلدية السخنة مع بلديات أخرى إلى بلدية الهاشمية في 22/8/ 2001م.
هذه هي السخنة ، التي كانت في منتصف الستينات متقوقعة في البلدة القديمة، ومساحتها أقل من 100دونم ، ولا يتجاوز عدد سكانها 500 نسمة معظمهم من الشيشان ودون أي عنصر يذكر من عناصر البنية التحتية ،أصبحت الآن بلدة أو شبه مدينة يقارب عدد سكانها 20 ألف نسمة، وتحتل عدة كيلومترات مربعة ، وتتمتع بمعظم الخدمات العامة كغيرها من المدن الأردنية ، وصار من الطبيعي أن ترى الصحون اللاقطة على أسطح المنازل، وأكثر البيوت تحوي أجهزة الحاسوب ، ونادراً ما تقابل شخصاً دون أن يكون في يده هاتف متنقل .يوسف يونس الترك/ خلف الجعيدي/ ذيب بشير / يونس الترك / محمد مراد 2014
الذين عاصروا أيام العز ، أيام المياه المتدفقة والبساتين الجميلة يقولون ؛ ياحسرة على أيام زمان.
هذا البحث من اعداد ذيب بشير ( آخر تعديل 10/12/2014 )